علم النفس الشرعي لــ ديفيد كانتر



كيف تصنع مجرمًا

هل المجرمون مختلفون؟

تفسيرات سلوك المجرمين والإجرام أساسية بالنسبة لعلم النفس الشرعي؛ فهي تشكل الأساس لاعتبارات كيفية تقييم المجرمين، وما إذا كان يمكن مساعدتهم لتجنب الإجرام المستقبلي أو «علاجهم» بطريقة ما، وكيفية حدوث ذلك. في حالة الفرض بأنه هناك شيء ما
فطري في كون المرء مجرمًا، فسيركز التقييم والعقاب والعلاج مباشرة على السمات المميزة للجاني. وفي المقابل، في حالة الفرض أن ظروفًا بعينها هي التي تشكل المجرمين، فستركز برامج خفض معدلات الجريمة على تلك الظروف وليس على الفرد الجاني؛ ونتيجة لذلك، يمكن أن يكون للمناظرات حول أسباب الجريمة — والتي قد تبدو نظرية نوعًا ما — تأثير مباشر على سياسات التعامل مع الجريمة وإدارة الجناة، ولها تأثير بالفعل.

في قلب هذه المناقشات ثمة سؤال عما إذا كان المجرمون مختلفين في بعض النواحي الجوهرية عن الأشخاص الذين لم يرتكبوا أي جريمة. هل هناك شيء يتعلق بكيفية تكوينهم يجعلهم مختلفين؟ أحد سبل دارسة ذلك هو التفكير مليًّا فيما عليك عمله لتصنع مجرمًا.

تفسيرات بيولوجية

هَب أنك دكتور فرانكنشتاين العصر الحديث وأُوكِلَت إليك مهمة صناعة مجرم، ما الذي ستحتاج إليه لتحقق المهمة؟ هل ستحتاج إلى أجزاء جسم معينة؟ ربما، كما كان يرى باحثون جادون منذ أقل من مائة عام، كنت ستختار ذراعين طويلتين على نحو مميز (كتلك التي تملكها القردة)؟ هل ستتبع أيضًا إرشادات تشيزاري لومبروزو — عالم الجريمة الإيطالي ذائع الصيت الذي عاش في القرن التاسع عشر — في بناء الرأس؛ بحيث تحرص على أن يكون به «أذنان بارزتان، وشعر كثيف، ولحية خفيفة، وفك عريض، وذقن مربع مستدق، وعظام وجنتين كبيرة»؟ وتجاوبًا مع أفكار العصر الفيكتوري عما يميز المجرم عن الجميع بوجه عام، ربما تود التأكد من أن المجرم الذي صنعته أقصر من الطول المتوسط، أو أطول، وينبغي أن يكون أيضًا أثقل وزنًا من غير المجرمين، أو أخف بوضوح. فإن اتبعت هذه الإرشادات، فستحرص أيضًا على أن يكون المجرم الذي صنعته ذا قفص صدري ناتئ مع صدر مشوه خلقيًّا وكتفين متهدلتين. وسيكون مسطح القدمين أيضًا. (الغالبية العظمى من الجرائم التي اكتُشفت ارتكبها رجال؛ لذا من هنا فصاعدًا سألتزم بهذه الإشارة المحدِّدَة للنوع من أجل التبسيط، وإذا أردت الإشارة خصيصى إلى مجرمة أنثى فسأوضح ذلك.)

إذا رأيت أن الأمر صار متعلقًا أكثر من اللازم ببنية الجسم، وكنت تعتقد أنه بإمكانك أن تأخذ جسمًا طبيعيًّا وتعبث بالهرمونات والتكوين الجيني وغيرها من الجوانب التي تحدد كيفية عمل الجسم لتصنع مجرمًا، فأنت بهذا تتبع الفكر الحديث نوعًا ما. فعدد كبير من الخبراء يرون أن الإجرام ناجم عن اضطرابٍ ما بالمخ — أو حتى تلف صغير بالمخ — نتيجة التعرض لحادث، أو مشكلات وقت الولادة. وعلى سبيل المثال، أشارت الأبحاث الحديثة إلى أن هنري الثامن تحوَّل من ملك ودود على علاقة طيبة بزوجته إلى حاكم مستبد تخلص من زوجاته كالقمصان القديمة بعد أن وقع له حادث أثناء مقارعة بالرماح أدى إلى فقده الوعي لمدة ساعتين. ويقال إن الضرر الدماغي الذي أصيب به في الحادث غيَّر شخصيته ليصبح أكثر عدوانيةً وعنفًا.


بيانات الكتاب


الأسم : علم النفس الشرعي
المؤلف :  ديفيد كانتر
المترجم : محمد فتحي خضر
الناشر : مؤسسة هنداوي للتعليم والثقافة
السلسلة : مقدمة قصيرة جداً
عدد الصفحات : 131 صفحة
الحجم : 12ميجابايت
الطبعة الأولى 2014 م

إرسال تعليق

[blogger]

MKRdezign

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

يتم التشغيل بواسطة Blogger.
Javascript DisablePlease Enable Javascript To See All Widget