أخذ كينز على عاتقه إنقاذ ما سمَّاه «الفردية الرأسمالية» مِن داء انتشار البطالة، الذي رأى كينز أننا إذا أهملناه فسيَجعل «أنظمة الحكم الاستبدادية» هي الأنظمةَ السائدة في العالم الغربي. وُلد كينز في الخامس من يونيو عام ١٨٨٣ في حقبة مختلفة تمامًا من «الفردية الرأسمالية»؛ حقبةٍ كان التقدم
الاقتصادي فيها أمرًا بديهيًّا، وحَكمَتِ الدولةَ فيها نخبةٌ ليبرالية امتلكَتِ الأراضِيَ والأموالَ، وبدا أن بريطانيا أمَّنتْ لنفسها موقعَهَا في قلب النظام التجاري العالمي. ولم يَرَ سوى قليلين أن هذه الحقبة تتجه نحو الأفول. وكانت شكوك العصر الفيكتوري لا تزال دينية أكثر منها مادية، رغم الهواجس بشأن الأخطار التي تهدد النظام الراسخ، والتي منها ظهورُ الديمقراطية في الداخل، وخَطَرُ ألمانيا في الخارج، وتَراجُع الأهمية الاقتصادية، والتزايد المطَّرِد في معدَّل التقلبات الصناعية. وظهرتْ كلمة «بطالة» لأول مرة في «قاموس أكسفورد للغة الإنجليزية» عام ١٨٨٨، وهذه علامة على أشياء كانتْ وشيكة الحدوث.
جسَّد والدا كينز القِيَم الفيكتورية في صورة مرنة. فانغمس جون نيفيل كينز في مجموعة متنوعة من الهوايات. وورث عنه مينارد كينز حِدَّة الفكر وكفاءة الإدارة مع نزعة للمزاح، رغم أن القَدَر رَحِمَه ولم يَرِثِ القلق من أبيه. أما فلورنس كينز فقد تبنَّتْ «قضايا هامة»، لكن ليس على حساب أسرتها قَطُّ؛ فقد مثَّلتْ — كما هو الحال بالنسبة لجميع أفراد عائلة براون التي تنتمي إليها — جانِبَيِ «الوعظ وفعل الخير» فيما ورِثه مينارد عن عائلته؛ كما أن عائلة براون كانتْ تتمتع ببعض الخيال الفكري. كانتْ عبقريةُ كينز ذاتية، لكنه شعر أن هناك تقاليد اجتماعية وفكرية عليه الالتزام بها.
بيانات الكتاب
الأسم : جون مينارد كينز
المؤلف : روبرت سكيدلسكي
المترجم :عبد الرحمن مجدي
الناشر : مؤسسة هنداوي للتعليم والثقافة
السلسلة : مقدمة قصيرة جداً
عدد الصفحات : 134 صفحة
الحجم : 21 ميجابايت
الطبعة الأولى ٢٠١٦م
إرسال تعليق