الديناصورات لــ ديفيد نورمان


اكتشاف «المخلب الرهيب»
في صيف عام ١٩٦٤ كان جون أوستروم ينقِّب عن حفريات في صخور طباشيرية بالقرب من بلدة بريدجر بولاية مونتانا، وجمَعَ بقايا متجزئة لديناصور مفترس جديد وغير مألوف، ومع استمراره في عملية الجمع حصل على بقايا أكثر اكتمالًا، وبحلول عام ١٩٦٩ تمكَّنَ أوستروم من وصف هذا الديناصور الجديد
بتفاصيل كافية وأطلق عليه اسم داينونيكس (أي المخلب الرهيب)؛ نسبةً إلى مخلبه المعقوف بطريقة مؤذية، الذي يشبه الخُطَّاف الحديدي، والموجود في قدمَيْه الخلفيتين.
كان الداينونيكس (الشكل ٢-١) ديناصورًا مفترسًا متوسط الحجم (يتراوح طوله بين مترين وثلاثة أمتار)، وينتمي إلى فئة تُعرَف باسم الثيروبودات. أشار أوستروم إلى عدد من الصفات التشريحية غير المتوقَّعة، وقد هيَّأت هذه الصفاتُ الساحةَ الفكريةَ لثورةٍ حطَّمَتِ الآراءَ الراسخة إلى حدٍّ ما في ذلك الوقت عن الديناصورات، بوصفها كائناتٍ عتيقةً وغابرةً شقَّتْ طريقَها بتثاقُل حتى انقرضت في نهاية حقبة الحياة الوسطى.
مع هذا، كان أوستروم مهتمًّا بفهم التكوين الحيوي لهذا الحيوان المحيِّر أكثر من مجرد سرْدِ سمات هيكله العظمي. كان هذا الأسلوب بعيدًا كلَّ البُعد عن اللقب التحقيري «جمع الطوابع» الذي أُطلِق على عِلم الحفريات، ويشبه طريقةَ لويس دولو في محاولاته المبكرة لفهم التكوين الحيوي للهياكل العظمية الأولى المكتمِلة لديناصور إجواندون (الفصل الأول). يوجد كثير من الأمور المشتركة بين هذا الأسلوب والطب الشرعي الحديث؛ إذ إنه يسعى إلى جمع كمٍّ كبير من الحقائق من عدد من المجالات العلمية المختلفة، من أجل التوصُّل إلى تفسير دقيق — أو فرضية — على أساس الأدلة المتاحة، وهذه إحدى القوى المُحرِّكة المتعدِّدة وراء علم الدراسة الحيوية للحفريات في عصرنا الحالي.


استنتاج التكوين الحيوي للداينونيكس وتاريخه الطبيعي
مع فحص الداينونيكس بهذا المنظور الخاص بالطب الشرعي، ما الذي يمكن أن تخبرنا به هذه السماتُ عن الحيوان وطريقة حياته؟
يؤكِّد الفكُّ والأسنان (الحادة ذات الحواف المقوَّسة والمنشارية) أن هذا الديناصور كان ضاريًا قادرًا على تقطيع فريسته وابتلاعها. كانت عيناه كبيرتين وجاحظتين للأمام، وربما أمَدَّتاه بقدر من الرؤية المجسَّمة، التي ربما كانت مثاليةً لتقدير المسافات بدقة؛ وهي سمة مفيدة للغاية للإمساك بفريسة تتحرك بسرعة، بالإضافة إلى فائدتها في رصد الحركات الرشيقة في مساحة ثلاثية الأبعاد. يساعد هذا الأمر — ولو جزئيًّا على الأقل — في تفسير الدماغ الكبير نسبيًّا (المتوقَّع ضمنيًّا من جمجمته الضخمة)؛ فلا بد أن تكون الفصوص البصرية كبيرةَ الحجم حتى تستطيع معالجةَ كثيرٍ من المعلومات البصرية المعقَّدة حتَّى يتمكَّن الحيوان من الاستجابة سريعًا، وكذلك لا بد أن تكون المناطق الحركية في الدماغ كبيرةً ومعقَّدةً؛ حتى تعالج الأوامرَ من مراكز الدماغ العليا، ثم تنسِّق الاستجابات العضلية السريعة للجسم.


بيانات الكتاب

الأسم : الديناصورات
المؤلف : ديفيد نورمان
المترجم :زينب عاطف
الناشر : مؤسسة هنداوي للتعليم والثقافة
السلسلة : مقدمة قصيرة جداً
عدد الصفحات : 134 صفحة
الحجم : 21 ميجابايت
الطبعة الأولى ٢٠١٦م

إرسال تعليق

[blogger]

MKRdezign

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

يتم التشغيل بواسطة Blogger.
Javascript DisablePlease Enable Javascript To See All Widget