الإنسانوية لــ ستيفن لو



حملت كلمة «إنسانوية» — ولا تزال تحمل — مجموعةً شتَّى من المعاني؛ فهي تشير في معناها الرحب إلى منظومة فكرية تُعتبر فيها القيم والاهتمامات والكرامة الإنسانية ذات أهمية خاصة. وبهذا المعنى، ربما يصبح تقريبًا كلُّ شخص منا إنسانويًّا (حتى الدينيون).
إلا أن المنضمين إلى لواء «الإنسانوية» اليوم، ولا سيما في المملكة المتحدة، عادة ما يَقصدون شيئًا أكثر
تحديدًا؛ فهم لديهم رؤيةٌ للعالم من نوع خاص لا يقبلها الجميع بالتأكيد، وتلك الرؤية هي محور هذا الكتاب.
فما الذي يميز الرؤية الإنسانوية إذن؟ من الصعب أن نكون محدَّدين جدًّا في هذا الشأن؛ فحدود المفهوم مطاطة، لكني أعتقد أن أغلب الإنسانويين سيتفقون على الأرجح على شيء من قبيل التوصيف السباعي المختصر التالي (مع عدم وجود ترتيب معين للنقاط الواردة فيه):
أولًا: يؤمن الإنسانويون أن العلم، والعقل بشكل أعمَّ، أداتان مهمتان للغاية يمكننا — ويجب علينا — أن نستخدمهما في كافة مناحي الحياة، ولا ينبغي النظر لأي معتقدات على أنها ممنوعٌ الخوض فيها وغير خاضعة للاستقصاء العقلاني.
ثانيًا: الإنسانويون إما ملحدون وإما على الأقل لا أدريون. إنهم يتشكَّكون في الزعم بوجود إله أو آلهة، وكذلك يتشكَّكون في وجود الملائكة والشياطين وغيرها من مثل هذه الكيانات فوق الطبيعية.


ثالثًا: يؤمن الإنسانويون أن هذه الحياة هي الحياة الوحيدة لنا؛ فلا توجد حياة أخرى تعود فيها أرواحنا إلى أجسادنا بعد موتنا، كما لا توجد جنة أو نار. ولاحظ أن الموقف الإنسانوي المتشكك في وجود آلهة والحياة الآخرة ليس «موقفًا إيمانيًّا» عقائديًّا، بل نتيجة لإخضاعهم هذه المعتقدات للاستقصاء النقدي واكتشاف أنها قاصرة بصورة خطيرة.
رابعًا: تنطوي الإنسانوية على إيمان شديد بوجود وأهمية القيمة الأخلاقية. كما يؤمن الإنسانويون بأنه ينبغي أن نستمدَّ أخلاقَنا عن طريق دراسة الطبيعة الفعلية للبشر وما يساعدهم على الازدهار في هذه الحياة، لا الحياة الآخرة. وينكر الإنسانويون المزاعم السلبية على غرار أنه لا يمكن وجود قيمة أخلاقية دون الإله، وأننا لن نكون — أو يستبعد أن نكون — أخيارًا دون الإله أو دون دين يرشدنا. ويقدِّم الإنسانويون حججًا وتبريرات أخلاقية لا تعود للمعتقد أو السلطة الدينية.
خامسًا: يؤكِّد الإنسانويون على استقلالنا الأخلاقي الفردي؛ فمن مسئوليتنا كأفراد أن نُصدر أحكامَنا الأخلاقية الخاصة لا أن نحاول تسليمَ تلك المسئولية إلى سلطة خارجية ما — مثل زعيم سياسي أو عقيدة دينية — لتُصدر تلك الأحكام بالنيابة عنا. يؤيِّد الإنسانويون تبنِّي أشكالٍ من التعليم الأخلاقي تؤكِّد على تلك المسئولية، التي ستزودنا بالمهارات التي سنحتاجها من أجل الاضطلاع بتلك المسئولية كما ينبغي.
سادسًا: يؤمن الإنسانويون أنه يمكن أن يكون لحياتنا معنًى دون أن يَهَبَنَا الإله إياه؛ فهم يفترضون أن حيوات بابلو بيكاسو، وماري كوري، وإرنست شاكلتون، وألبرت أينشتاين — على سبيل المثال — كانت حيوات ثرية ومهمة وذات معنًى؛ سواء وُجد الإله أم لا.


بيانات الكتاب

الأسم : الإنسانوية
المؤلف : ستيفن لو
المترجم :ضياء ورَّاد
الناشر : مؤسسة هنداوي للتعليم والثقافة
السلسلة : مقدمة قصيرة جداً
عدد الصفحات : 134 صفحة
الحجم : 21 ميجابايت
الطبعة الأولى ٢٠١٦م

إرسال تعليق

[blogger]

MKRdezign

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

يتم التشغيل بواسطة Blogger.
Javascript DisablePlease Enable Javascript To See All Widget