عمَّ تدور نظرية الألعاب؟
عندما كانت زوجتي غائبةً طوال النهار في مؤتمر صغير شائق في إقليم توسكانا، دعَتْني ثلاث شابَّات لأشاركهنَّ الغداء. وبينما كنت جالسًا، قالت إحداهن بصوتٍ جذَّاب: «علِّمنا كيف نلعب لعبة الحب.» لكنْ تبيَّن أن كلَّ ما أردْنَه هو نصيحة حول كيفية التعامل مع العُشَّاق الإيطاليين. ولا أزال أعتقد أنهنَّ أخطأْنَ
عندما رفضْنَ توصياتي المهمة، لكنهنَّ أصبنَ في التسليم بأن المغازلة هي واحدة من الألعاب العديدة المختلفة التي نلعبها في الحياة الواقعية.
فالسائقون وهم يناورون وسط الزحام المروري يلعبون لعبة قيادة، وتُجَّار الصفقات وهم يقدِّمون العروض على موقع «إيباي» يلعبون لعبة مزادات، وعندما تتفاوض شركةٌ مع إحدى النقابات العُمالية على أجور العام المقبل فإنهما تلعبان لعبة تفاوُض، وعندما يختار المرشحون المتنافسون برنامجهم في أحد الانتخابات فإنهم يلعبون لعبةً سياسية، وصاحب محل البقالة الذي يحدد سعر رقائق الذرة اليوم يلعب لعبةً اقتصادية. بإيجاز، متى تفاعل البشر فإنهم يكونون بصدد ممارسة لعبةٍ ما.
وقد لعب أنطونيو وكليوباترا لعبة المغازلة على نطاقٍ واسع، وحقَّق بيل جيتس ثراءً هائلًا عندما لعب لعبة برامج الكمبيوتر، ولعب كلٌّ من أدولف هتلر وجوزيف ستالين لعبةً أبادت نسبةً ليست هيِّنة من سكان العالم، وأثناء أزمة الصواريخ الكوبية لعب خروشوف وكينيدي لعبةً كان من الممكن أن تُبيد البشرية جمعاء.
حتى عندما لا يَدْرس الأفراد كل شيءٍ سابقًا، فلا يستتبع ذلك أنهم يتصرَّفون بالضرورة على نحوٍ غير عقلاني. لقد كان لنظرية الألعاب إنجازاتٌ واضحةٌ في تفسير سلوك العناكب والأسماك، على الرغم من أنه لا يمكن الزعم بأن أيًّا من النوعَيْن يفكر مطلقًا. فمثل هذه الحيوانات غير العاقلة تنتهي بها الحال إلى التصرف كما لو أنها عاقلة؛ لأن منافسيها من الحيوانات الأخرى، التي برمجَتْها جيناتها على أن تسلك سلوكيات غير عقلانية، صارت منقرضةً في الوقت الحالي. وبالمثل، لا يدير الشركاتِ دائمًا نابغون عظامٌ، لكن السوق كثيرًا ما تكون قاسيةً كالطبيعة؛ فتُطيح بمن هم دون المستوى إلى خارج المشهد.
بيانات الكتاب
الأسم : نظرية الألعاب
المؤلف : كين بينمور
المترجم :نجوى عبد المطلب
الناشر : مؤسسة هنداوي للتعليم والثقافة
السلسلة : مقدمة قصيرة جداً
عدد الصفحات : 134 صفحة
الحجم : 21 ميجابايت
الطبعة الأولى ٢٠١٦م
إرسال تعليق