الكوارث العالمية لــ بيل ماجواير




اعتدنا أن نشاهد على شاشات التليفزيون أنقاض المدن التي ضربتها الزلازل، أو آلاف اللاجئين المذعورين الهاربين من ويلات انفجار بركاني جديد، حتى إن تلك المشاهد لم تَعُدْ تثير دهشتنا أو مخاوفنا؛ نظرًا لأننا بمنأًى عن تلك الكوارث مكانًا، ولأننا نفتقر إلى التعاطف الحقيقي مع من تحلُّ بهم. ترى
الغالبيةُ العظمى من السكان الذين حالفهم الحظ بالعيش في المناطق المزدهرة في أوروبا وأمريكا الشمالية وأوقيانوسيا؛ الكوارثَ الطبيعية الكبرى على أنها أحداث سريعة الزوال تحدث في أراضٍ غريبة بعيدة جدًّا، مع أنهم هم أنفسهم ليسوا بمنأًى تامٍّ عن التعرُّض لتلك الكوارث. إنها تثير قدرًا من الاهتمام لدى هؤلاء الأفراد، لكنه اهتمام نادرًا ما يكون له تأثير على واقعٍ يوميٍّ يكترث فيه الناس لوقوع جريمة قتْل في مسلسل شهير أو لإحراز فريق كرة القدم المحلي فوزًا، أكثر كثيرًا مما يكترثون لوفاة ٥٠ ألف فرد في أحد الانهيارات الطينية في فنزويلا. اللافت للنظر أن مثل هذا الموقف تجده سائدًا في مناطق في البلدان المتقدمة المعرَّضة هي الأخرى لوقوع الثورات البركانية والزلازل. تَحَدَّثْ إلى أحد سكان مدينة ماموث في كاليفورنيا حول خطر عودة بركان مدينتهم إلى الحياة مرة أخرى، أو إلى أحد سكان مدينة ممفيس بولاية تينيسي حول احتمالات تعرُّض المدينة لزلزال هائل يسويها بالأرض، ومن المرجَّح أن يهز كتفيه ويخبرك أن لديه أمورًا أكثر إلحاحًا عليه أن يشغل باله بها. والتفسير الوحيد هو أن هؤلاء يعيشون حالة من الإنكار؛ فهم يدركون تمامًا أن كارثة مروعة ستحدث يومًا ما، لكنهم لا يَقْبلون حقيقة أنها قد تحدث لهم أو لأحفادهم.



عندما نتحدث عن الكوارث الطبيعية على نطاق عالمي، ستجد هذا السلوك سائدًا في كل مكان؛ في أوساط الحكومات الوطنية، والوكالات الدولية، والتكتلات التجارية المتعددة الجنسيات، وجزء كبير من المجتمع العلمي. لكن هناك بعض الأسباب تدعو للتفاؤل، وقد بدأ هذا السلوك في التغير في جانب واحد على الأقل؛ فقد صار الجميع الآن على علم بالخطر الذي يحدق بالأرض من ارتطامها بكويكب أو بمُذَنَّب، والسباق جارٍ من أجل تحديد جميع الكويكبات التي تقترب من الأرض والتي لديها القدرة على إبادة جنسنا البشري. وبفضل الأفلام الوثائقية التليفزيونية التي تحظى بدعاية واسعة النطاق، والتي تُعرض في المملكة المتحدة والولايات المتحدة الأمريكية، بدأت التهديدات المتفاقمة للانفجارات البركانية الهائلة وموجات تسونامي العملاقة تصل الآن إلى جمهور أكبر بكثير من المجموعات المحدودة من العلماء الذين يعملون على هذه الظواهر. على وجه التحديد، كفلت التغطيةُ الإعلامية الشاملة لتسونامي آسيا عام ٢٠٠٤ استيعابَ العالم وتقديرَه لتلك الظاهرة وقدرتها على إحداث الدمار والخسائر في الأرواح على نطاق واسع، حتى صار ذلك معلومًا لدى القاصي والداني. واستجابةً لذلك، تسعى حكومة المملكة المتحدة إلى تشكيل لجنة علمية دولية لتقييم الأخطار الطبيعية المحتملة على هذا النطاق، وهناك خطط بلغت من التطور مبلغًا في وضع نُظُم إنذارٍ بأمواج تسونامي في كلٍّ من المحيطَين الهندي والأطلسي.

الواقع أن كوكب الأرض مكان هشٌّ للغاية؛ مما يجعله محفوفًا بالمخاطر؛ فهو صخرة صغيرة تندفع بعنف وسرعة عبر الفضاء، تدمره الحركات العنيفة لقشرته، فضلًا عن تعرُّضه لتغيُّرات مناخية هائلة بسبب تغيُّر ظروفه الجيوفيزيائية والمدارية. وبعد مُضي ١٠ آلاف عام فحسب على نهاية العصر الجليدي، يشهد كوكب الأرض أعلى درجات حرارة عرفها تاريخ الأرض الحديث. وفي الوقت نفسه يزيد الانفجار السكاني واستنزاف الموارد البيئية كثيرًا من تعرُّض المجتمع الحديث للكوارث الطبيعية مثل الزلازل، وأمواج تسونامي، والفيضانات، وثورات البراكين. في هذا الفصل التمهيدي، سنتناول الأخطار الحالية المحدقة بهذا الكوكب ومَن يعيشون عليه تمهيدًا للنظر في الأخطار المستقبلية الأشد وطأة.

بيانات الكتاب

الأسم : الكوارث العالمية
المؤلف :  أشرف عامر
المترجم : رحاب صلاح الدين
الناشر : مؤسسة هنداوي للتعليم والثقافة
السلسلة : مقدمة قصيرة جداً
عدد الصفحات : 136 صفحة
الحجم : 16 ميجابايت
الطبعة الأولى 2014 م

إرسال تعليق

[blogger]

MKRdezign

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

يتم التشغيل بواسطة Blogger.
Javascript DisablePlease Enable Javascript To See All Widget